هاتفها مسؤولُ الأمنِ أوّلَ مرّةٍ ..
وحكى لها إفكاً كثيرا:
ابنكِ شهيدُ الواجبِ ، رمزُ الوطنِ ، ليسَ كمثلهِ في الرجالِ شيءٌ
وأنتِ ، أعظمُ أمٍّ ، لأعظمِ ابن
ومَنحَها رقمَ هاتفٍ ، لشيخٍ صالحٍ جدّا ، يحترفُ تسليةَ ثكلاواتِ الوطنِ ، وقال لها بكلّ خشوعٍ:
أنّ ابنها سيشفعُ لسبعينَ من أهلهِ ، وأنّ كلّ ما عليهم ، أن يلحقوا بهِ ، ..
وسيشفعُ كلّ واحدٍ منهم ، لسبعينَ آخرينَ ، من شهداءِ الوطنِ ، المشفوعِ لهم أصلاً من غير شفاعةٍ
وسينصرُ اللهُ الوطنَ على الأعداءِ اللئامِ الذين لا يشفعونَ لأحدٍ
وأخبرها أنّ ابنها الأعزبَ جدّا ، سيملأُ اللهُ سبحانهُ بيتهُ في الجنّة حوراً عينا ، وولداناً منثورينَ
وفتياتٍ ليس كمثلهنّ شيءٌ ، ..
وأخبرها عن قصورٍ ودورٍ كثيرةٍ هنالكَ
ونسيَ الشيخُ المرحومُ أنْ يقولَ لها شيئاً عن بيتها الشعبيّ الطينيّ السفليّ المتهاوي الـ هنا !
وجاءها المعزّون من الأعرابِ ، وقعدوا ببيتها
وبجانبِ قلبها ، وكذبوا عليها كثيراً ، ..
وأنتِ مفخرةُ نساء الحيّ
نجمةُ أمّهاتِ المدينةِ ، وابنكِ هذا ، ..
لو كان كمثلهِ عشرةٌ ، في الوطنِ ، لأعشبتِ الصحارى القفار ، ..
ولنصرَ الله الأمةَ من أسابيعَ كثيرةٍ مضت
ولا نصرٌ يجيء ، و"لا عندك أحد" !
وفي خطبةِ الجمعةِ ، قال لها إمام الحيّ من على منبرهِ:
سنخصّصُ لكِ خطبتينِ ، ..
واحدةٌ هذا الأسبوعُ ، وأخرى في أي خميسٍ قادمٍ ، أو صلاةِ استسقاءٍ عرضيّةً –حسب مزاجِ جلالته-
وقال بصوتٍ ملبّسٍ بأسىً عميقٍ ، وحزنٍ شفّافٍ:
إنّ عنوان خطبتنا اليومَ ، عن هذه الأمّ العظيمةِ ، أمّ الجنديّ الباسلِ/المنافحِ/المكافحِ/المغوارِ/الهمامِ
الذي خانه الرفاقُ –في رواية – ، وما خانهم ، واغتيلَ فجأة
وأنّ الله أعدّ لها بيتاً بخادمةٍ ، في الجنّةِ ، تكفيها مئونة الغسيلِ
غسيلَ وشاحها المخضلّ دمعا ، وملابسِ الشهيدِ الذي رحلَ فجأةً
في كمينٍ اضطراريّ ، لدحرِ أعداءِ الله/الدولةِ/الأمةِ الراشدة
وفي حساب ابنها الأكبرِ المصرفيِّ ..
أودعوا خمسينَ ألفَ دولارٍ ، ديةً/منحة/تركةً/إرثا/تعويضا/ثمناً
للشهيدِ الذي رحلَ بغتةً ، وقالوا للأمّ ، هذه لكِ ، ولو زدتِ زدنا
وقال الشيخ هي بالدولارِ ، كونه أقربُ للصدقةِ ، وأطهر عند الأميرِ
وقال لها: أنفقي في سبيلِ الخير ، ولا تبخلي ، وسدّدي فواتيرَ الوطنِ من كهرباءٍ وماءٍ وأشياءَ أخرى !
وحين نامت أوّل ليلةٍ ، وتذكّرته بكت –هل عليها من حرج ، أمٌّ هيَ-
وحين تذكّرت أنّ قاتليهِ "شراذمٌ" من الوطنِ آخرينَ بكت أكثر
وحين تأكدت أنّ ابنها الصالحَ الآخرَ ، زعموا أنّه هوَ قاتلُ أخيهِ
أو من يرونَ برأيهِ ، أو رفاقهُ الضّالونَ ، وبعضُ من سلكَ سبيلهم من الخوارجِ المارقينَ
وحين ذاكَ ، انهارت ، وقالت للبكاءِ: هل تبكيني ..
ما على الأمّ من حرجٍ إذا انهارت بكاءً على ابنينِ ، قاله شيخ الوطنِ ، في كتابِ الحُكْمِ والدسيسة !
وتذكّرت ليلتها تلكَ ، ليلةَ عزاءِ الشهيدِ ، ..
يوم هاتفها مسؤولُ الأمنِ عينهُ ، قبلَ عامٍ ، يقول لها:
أنتِ أفسدُ أمٍّ ، أنجبتْ أفسدَ ابنِ ، وأنّ ابنها الضالَّ المارقَ ، يسكنُ فندقا بعيداَ
ويتلعثمُ البريدُ الفصيحُ قبل أن يصلَ إليه ، يُدعى: غوانت ناموا ، وأنّهم ناموا طويلا
وتذكّرت ، يوم خطبَ خطيبُ الجامعِ عينهِ ، سبعَ خطبٍ متوالياتٍ عنها
وعن الابن الضالّ بغتةً ، يرحلُ للجهادِ/الرهاب/الإفك/الزور/البغي/خرق الأمن/المروقِ ، ..
ويقول في خطبتهِ:
هذه أضلّ أمٍ ، لأضلّ ابنٍ ، وأن الله قد أعدّ لها في النارِ
بئراً بعمقِ سبعينَ خريفاً ، ونيّفا ، وأنّها شرّيرة الأشرارِ
وخطبة مريعة !
وتذكّرت ، يوم جاءها المؤنبّون من الأعرابِ/الجيرانِ/القطيعِ، وقعدوا على قلبها
وجنبها ، وكربها ، وحزنها ، وقالوا: هذا ما ستلقينَ بالدنيا ، وما أعدّ الله لكِ في النار أخزى
ولعنوا زوجها/أبوهُ ، الذي رحلَ في ثكنةِ الوطنِ البعيدةِ ، يحارب الأوهام والسلاحف المريضة .
وتذكّرت ، يوم اتصلوا بابنها الكبيرِ الذي ماتَ فجأةً من يومينِ ، قائلينَ:
مقطوعٌ عنكم حبلُ الكهرباء/الماء/الغسيل/النجاةِ/الحياة ، وبكت كثيرا
وتساءلت:
ولدٌ كبيرٌ ماتَ شهيداً من يومينِ ، حين اغتالوهُ في معركةِ الوهمِ
وولدٌ هنالكَ ، طارَ طريداً ، في غوانت ناموا ، ..
وآخرونَ مأجّلون لأمرِ الحكومةِ ، إمّا شهداءُ واجبٍ يسقطون آنَ قتلِ الأخوةِ الضالّينَ الباقينَ
وإمّا ضالّون باقونَ ، يستهدفونَ شهداءَ الواجبِ الآخرينَ من إخوتهم ، وفي كلٍّ فتنة َ!
ولدانِ رحلا ، وآخرانِ بقيا
تحبّ من ، وتذكر منْ ، وتكره منْ ، وتنسى منْ ، وتذكر منْ ، وتذكرُ منْ – الأمهات لا ينسينَ كثيرا-
هكذا تفكّر العجوزُ هذه الليلة ، وتلعن الأبَ العارَ الهاربَ من أمدٍ ، يوم جاءها مراهقاً من الوطنِ/الحلمِ
يحلم بوطنٍ جديدٍ ..
يقول للأبناءِ ، كونوا أيّ أمرٍ ، واطلبوني أيّ أمرٍ ، سأموتُ مرّتين كي أمنحكم ثمن دفترٍ ، تخطّون عليه أوجاعكم
وسأمنحكم قلبي ورقةً لتصيروا معلّمينَ/متعلّمينَ ، تعرفون تقرؤونَ ، تكتبونَ ، وترسلونَ لي رسالةً من بعيدٍ ..
أتهجّى أحرفها الواضحاتِ أمام أمّكم العجوزِ آنذاكَ ، أباهيها: أعرف القراءةَ/فكّ الحرفِ قليلاً ، يا طفلتي الجميلة ..
تبّا ، هذا الابنُ الوغدُ ، ماله في غوانت ناموا ، من عامينِ لم يبعث رسالة ، والتعليمُ/الدمع/الشتاء/الأكسية/الكتب/النقود/الديون/الشمس التي منحناه ، أين رحلتْ !
وتذكرُ شيئا كثيرا ..
والابن الذي بقيَ ، يلعن أخاً ضالَاً ، ويترحّم على أخٍ شهيدٍ ، وينتظرُ المصيرَ/القرارَ/النشرةَ القادمة .
وحكى لها إفكاً كثيرا:
ابنكِ شهيدُ الواجبِ ، رمزُ الوطنِ ، ليسَ كمثلهِ في الرجالِ شيءٌ
وأنتِ ، أعظمُ أمٍّ ، لأعظمِ ابن
ومَنحَها رقمَ هاتفٍ ، لشيخٍ صالحٍ جدّا ، يحترفُ تسليةَ ثكلاواتِ الوطنِ ، وقال لها بكلّ خشوعٍ:
أنّ ابنها سيشفعُ لسبعينَ من أهلهِ ، وأنّ كلّ ما عليهم ، أن يلحقوا بهِ ، ..
وسيشفعُ كلّ واحدٍ منهم ، لسبعينَ آخرينَ ، من شهداءِ الوطنِ ، المشفوعِ لهم أصلاً من غير شفاعةٍ
وسينصرُ اللهُ الوطنَ على الأعداءِ اللئامِ الذين لا يشفعونَ لأحدٍ
وأخبرها أنّ ابنها الأعزبَ جدّا ، سيملأُ اللهُ سبحانهُ بيتهُ في الجنّة حوراً عينا ، وولداناً منثورينَ
وفتياتٍ ليس كمثلهنّ شيءٌ ، ..
وأخبرها عن قصورٍ ودورٍ كثيرةٍ هنالكَ
ونسيَ الشيخُ المرحومُ أنْ يقولَ لها شيئاً عن بيتها الشعبيّ الطينيّ السفليّ المتهاوي الـ هنا !
وجاءها المعزّون من الأعرابِ ، وقعدوا ببيتها
وبجانبِ قلبها ، وكذبوا عليها كثيراً ، ..
وأنتِ مفخرةُ نساء الحيّ
نجمةُ أمّهاتِ المدينةِ ، وابنكِ هذا ، ..
لو كان كمثلهِ عشرةٌ ، في الوطنِ ، لأعشبتِ الصحارى القفار ، ..
ولنصرَ الله الأمةَ من أسابيعَ كثيرةٍ مضت
ولا نصرٌ يجيء ، و"لا عندك أحد" !
وفي خطبةِ الجمعةِ ، قال لها إمام الحيّ من على منبرهِ:
سنخصّصُ لكِ خطبتينِ ، ..
واحدةٌ هذا الأسبوعُ ، وأخرى في أي خميسٍ قادمٍ ، أو صلاةِ استسقاءٍ عرضيّةً –حسب مزاجِ جلالته-
وقال بصوتٍ ملبّسٍ بأسىً عميقٍ ، وحزنٍ شفّافٍ:
إنّ عنوان خطبتنا اليومَ ، عن هذه الأمّ العظيمةِ ، أمّ الجنديّ الباسلِ/المنافحِ/المكافحِ/المغوارِ/الهمامِ
الذي خانه الرفاقُ –في رواية – ، وما خانهم ، واغتيلَ فجأة
وأنّ الله أعدّ لها بيتاً بخادمةٍ ، في الجنّةِ ، تكفيها مئونة الغسيلِ
غسيلَ وشاحها المخضلّ دمعا ، وملابسِ الشهيدِ الذي رحلَ فجأةً
في كمينٍ اضطراريّ ، لدحرِ أعداءِ الله/الدولةِ/الأمةِ الراشدة
وفي حساب ابنها الأكبرِ المصرفيِّ ..
أودعوا خمسينَ ألفَ دولارٍ ، ديةً/منحة/تركةً/إرثا/تعويضا/ثمناً
للشهيدِ الذي رحلَ بغتةً ، وقالوا للأمّ ، هذه لكِ ، ولو زدتِ زدنا
وقال الشيخ هي بالدولارِ ، كونه أقربُ للصدقةِ ، وأطهر عند الأميرِ
وقال لها: أنفقي في سبيلِ الخير ، ولا تبخلي ، وسدّدي فواتيرَ الوطنِ من كهرباءٍ وماءٍ وأشياءَ أخرى !
وحين نامت أوّل ليلةٍ ، وتذكّرته بكت –هل عليها من حرج ، أمٌّ هيَ-
وحين تذكّرت أنّ قاتليهِ "شراذمٌ" من الوطنِ آخرينَ بكت أكثر
وحين تأكدت أنّ ابنها الصالحَ الآخرَ ، زعموا أنّه هوَ قاتلُ أخيهِ
أو من يرونَ برأيهِ ، أو رفاقهُ الضّالونَ ، وبعضُ من سلكَ سبيلهم من الخوارجِ المارقينَ
وحين ذاكَ ، انهارت ، وقالت للبكاءِ: هل تبكيني ..
ما على الأمّ من حرجٍ إذا انهارت بكاءً على ابنينِ ، قاله شيخ الوطنِ ، في كتابِ الحُكْمِ والدسيسة !
وتذكّرت ليلتها تلكَ ، ليلةَ عزاءِ الشهيدِ ، ..
يوم هاتفها مسؤولُ الأمنِ عينهُ ، قبلَ عامٍ ، يقول لها:
أنتِ أفسدُ أمٍّ ، أنجبتْ أفسدَ ابنِ ، وأنّ ابنها الضالَّ المارقَ ، يسكنُ فندقا بعيداَ
ويتلعثمُ البريدُ الفصيحُ قبل أن يصلَ إليه ، يُدعى: غوانت ناموا ، وأنّهم ناموا طويلا
وتذكّرت ، يوم خطبَ خطيبُ الجامعِ عينهِ ، سبعَ خطبٍ متوالياتٍ عنها
وعن الابن الضالّ بغتةً ، يرحلُ للجهادِ/الرهاب/الإفك/الزور/البغي/خرق الأمن/المروقِ ، ..
ويقول في خطبتهِ:
هذه أضلّ أمٍ ، لأضلّ ابنٍ ، وأن الله قد أعدّ لها في النارِ
بئراً بعمقِ سبعينَ خريفاً ، ونيّفا ، وأنّها شرّيرة الأشرارِ
وخطبة مريعة !
وتذكّرت ، يوم جاءها المؤنبّون من الأعرابِ/الجيرانِ/القطيعِ، وقعدوا على قلبها
وجنبها ، وكربها ، وحزنها ، وقالوا: هذا ما ستلقينَ بالدنيا ، وما أعدّ الله لكِ في النار أخزى
ولعنوا زوجها/أبوهُ ، الذي رحلَ في ثكنةِ الوطنِ البعيدةِ ، يحارب الأوهام والسلاحف المريضة .
وتذكّرت ، يوم اتصلوا بابنها الكبيرِ الذي ماتَ فجأةً من يومينِ ، قائلينَ:
مقطوعٌ عنكم حبلُ الكهرباء/الماء/الغسيل/النجاةِ/الحياة ، وبكت كثيرا
وتساءلت:
ولدٌ كبيرٌ ماتَ شهيداً من يومينِ ، حين اغتالوهُ في معركةِ الوهمِ
وولدٌ هنالكَ ، طارَ طريداً ، في غوانت ناموا ، ..
وآخرونَ مأجّلون لأمرِ الحكومةِ ، إمّا شهداءُ واجبٍ يسقطون آنَ قتلِ الأخوةِ الضالّينَ الباقينَ
وإمّا ضالّون باقونَ ، يستهدفونَ شهداءَ الواجبِ الآخرينَ من إخوتهم ، وفي كلٍّ فتنة َ!
ولدانِ رحلا ، وآخرانِ بقيا
تحبّ من ، وتذكر منْ ، وتكره منْ ، وتنسى منْ ، وتذكر منْ ، وتذكرُ منْ – الأمهات لا ينسينَ كثيرا-
هكذا تفكّر العجوزُ هذه الليلة ، وتلعن الأبَ العارَ الهاربَ من أمدٍ ، يوم جاءها مراهقاً من الوطنِ/الحلمِ
يحلم بوطنٍ جديدٍ ..
يقول للأبناءِ ، كونوا أيّ أمرٍ ، واطلبوني أيّ أمرٍ ، سأموتُ مرّتين كي أمنحكم ثمن دفترٍ ، تخطّون عليه أوجاعكم
وسأمنحكم قلبي ورقةً لتصيروا معلّمينَ/متعلّمينَ ، تعرفون تقرؤونَ ، تكتبونَ ، وترسلونَ لي رسالةً من بعيدٍ ..
أتهجّى أحرفها الواضحاتِ أمام أمّكم العجوزِ آنذاكَ ، أباهيها: أعرف القراءةَ/فكّ الحرفِ قليلاً ، يا طفلتي الجميلة ..
تبّا ، هذا الابنُ الوغدُ ، ماله في غوانت ناموا ، من عامينِ لم يبعث رسالة ، والتعليمُ/الدمع/الشتاء/الأكسية/الكتب/النقود/الديون/الشمس التي منحناه ، أين رحلتْ !
وتذكرُ شيئا كثيرا ..
والابن الذي بقيَ ، يلعن أخاً ضالَاً ، ويترحّم على أخٍ شهيدٍ ، وينتظرُ المصيرَ/القرارَ/النشرةَ القادمة .
نقطة أخيرة | .... |
تسعدنا اقتراحاتكم ومشاركاتكم
منقول
بقلم الفياض
منقول
بقلم الفياض